أخطر من كورونا !!!

موضوع: أخطر من كورونا !!! 15.04.20 2:14

ربما يمثل وباء كورونا الذي انتشر في عالمنا كما تنتشر النار في الهشيم تهديداً لأرواح قسم من بني البشر وهذا الأمر خطير بالطبع ولا يمكن لعاقل أن يستهين به أو يتجاوزه ، إلا أن الأمر الأكثر خطورة والذي كان متستراً قبل كورونا هو زيف النخب المعاصرة ، إنه لشيء محزن أن نكتشف أن أصحاب الصفوف الأولى في مجتمعاتنا يحملون رؤوساً فارغة
لقد كان نشاط فايروس كورونا منذ أواخر ديسمبر عام 2019 وبدايات عام 2020 غريبا ونذير شؤم لأيام سوداء قادمة إن لم تتوحد الأمم وتتنبه متخذة إجراءات استباقية قبل تفشي الوباء وخروجه عن السيطرة هذا ما كنت أفكر به كشخص عادي لا يحمل أي صفة رسمية تخوله لاتخاذ أي قرار ، لكن انتابني شعور حينها أن ما أفكر به لا بد أنه مدروس حتما ومعد مسبق في مراكز الأبحاث العالمية ، وبدأت في مراقبة الفايروس يوما بعد يوم ، كانت الصين حينها وحيدة ، بدأ الفايروس بالانتشار خارج الصين ، إلا أن المفاجأة كانت في تجاهل العالم لذلك الخطر القادم من شرق آسيا ، أقلب في المواقع و الصفحات لعلي أكون مخطئاً ، وجدت طبيبا انكليزيا قد افتتح قناة على منصة يوتيوب بمبادرة فردية صرت أتابعه بشكل مستمر ، لقد كان جادا وكان وما زال يعمل بشكل يومي على تحري المعلومات وجمع آخر الإحصائيات والدراسات المتعلقة بالفايروس إلا أنه بدا وكأنه يغرد خارج السرب ، هذا السرب الذي لا يملك أدنى فكرة عن الموت القادم
المرض ينتشر أكثر فأكثر إلا أن الأعراض لا تظهر بسرعة وكثير من الحالات لا تظهر عليها أعراض شديدة أي أن هؤلاء لن يراجعوا الطبيب ولن يضطروا إلى زيارة المشفى ولن تسجل حالاتهم في اخر إحصائية لعدد الإصابات !!
أي أن الفايروس سيجوب أنحاء المعمورة ، تدعمه النخب الزائفة من قادة جهلة فاتحين حدودهم دون أدنى وعي بما سيحصل لاحقا ، كل ما يهمهم استمرارهم في اللعب السياسية المقيتة وجني الأرباح الاقتصادية
مؤلم جدا أن يكون كابتن الطيارة محدود الأفق ، والمؤلم أكثر أن يثق الركاب به تمام الثقة إلى أن تبدأ الطائرة بالانحراف عن مسارها حينها سيكتشف الطيار حماقته وعدم أهليته وسيكتشف الركاب ذلك ولكن ما الفائدة من هذا الوعي المتأخر حينئذ ،
ينتشر الفايرس أكثر يصل أوروبا والشرق الأوسط وتبدأ نخب مزيفة أخرى تطفو على السطح ، نجوم التمثيل والغناء لما لهم من تأثير كبير على الرأي العام ، بضحالة فكرهم وضآلة أدمغتهم المعتادة على ترديد الشعارات العنترية، يتحدون المرض و يهزؤون به عبر الاذاعات والقنوات ووسائل التواصل جارين ورائهم جيوشا من اللامبالين والأميين
ويظهر السؤال
أين النخب الحقيقية ؟!
أين أصحاب الفكر !؟
أين حكماء القرن الواحد والعشرين !؟
و تبدأ نظرية الذروة بالانتشار بين العامة بإيعاذ من الفضائيات
أي أن الوباء قد بلغ ذروته وها قد بدأ الانحسار إلا أننا وللأسف نأخذ الأمور بظواهرها وقل من يخضعها للمنطق
إن الشكل الذي يأخذه المنحنى البياني للمرض متعلق بأمور عدة منها العامل المناخي الذي سيؤدي إلى صعود المنحنى مشكلا الذروة والبدء بالهبوط تعبيرا عن الانحسار
لكن هل فكر أحد ماذا لو كان للفايرس إمكانية على التأقلم مع درجات الحرارة العالية !!! هل تعلمون ماذا يعني ذلك
هذا يعني أنه بعد بلوغ الذروة وبدأ هبوط الخط المنحني ، قد يعود الخط للصعود مجددا !!
أي أن الذروة المرتقبة ما عادت وحيدة ستتشكل ذروة ثانية وثالثة ورابعة وستفقد الذروة دلالتها الايجابية المعتادة
ما العمل اذا ؟؟؟
الحل في هذه الحالة استبدال عامل الطقس بعامل الوعي العام والقيود الحكومية الإجبارية وهذا ما أثبت نجاحه في الصين مثلا حيث نرى أن مركزية التحكم والقيادة ههناك كان لها الأثر البالغ في السيطرة على الوباء
ولدينا في الوطن العربي تجربة ناجحة ولكنها مختلفة وهي التجربة اللبنانية فالشعب اللبناني في أغلبه منفتح ومثقف لذا عندما بدأ الوباء يتفشى في لبنان بدأ المجتمع اللبناني بعملية انضباط ذاتية مع جهود حكومية متواضعة أي أن الوعي الجمعي لدى الشعب كان السلاح الأعتى في مواجهة الوباء في لبنان
ونرى دولا عربية أخرى أيضا لها تجارب ناجحة فدولة الإمارات العربية المتحدة اتخذت سياسات استباقية وخلاقة من خلال الكشف المبكر ونشر عيادات الفحص النقالة التي تصدر نتيجة الفحص بوقت سريع وتتبع سلسلة الحالات المخالطة وزيادة رقعة الفحوصات في أركان الدولة بعقلية منفتحة وعلمية ناهيك عن السرعة في تطبيق أي ابتكار قد يساهم في مكافحة الوباء مثل بوابات التعقيم وخوذ الفحص الحرارية وتوعية الناس عبر الرسائل الصوتية والمآذن وحتى من خلال الطائرات العمودية فصارت بذلك الإمارات من الدول الأولى عالميا في مكافحة الفايروس و تمد يد العون لمن يحتاج العون وترفع شعار السلام منحية الخلافات السياسية جانباً ولسان حالها يقول الإنسان أولاً
بمثل هذه العقول تبنى الأوطان وتسلم الإنسانية لذا نتمنى من جميع الشعوب العربية والعالمية استيعاب ما حدث وما يحدث لتخطي هذه الأزمة بأقل الخسائر و لعل كورونا تكون درسا للجميع للتهيؤ لما قد يأتي مستقبلا من جائحات و أوبئة كما يتنبؤ بعض العلماء فالشجاعة هنا جشع والتقاعص هنا لا يمكن استدراكه لاحقاـ وكما يقول العرب من خاف سلِم وكما يقول الجميع الوقاية خير من العلاج -هذا إن توفر العلاج-فماذا لو كان العلاج متعذرا أصلا ! .

arcdam3@gmail.com ::